أكد الدكتور أشرف إسماعيل، رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، أهمية توفير نظام رعاية صحية متكامل من أجل عناية أفضل لمرضى السرطان كأحد الاتجاهات الحديثة الأساسية في علاج الأورام مشيرا إلى أن أهم ما يميز مثل هذا النظام هو ضمان مشاركة المعلومات بين أعضاء الفريق فيما يتعلق برعاية المرضى، ووضع خطة علاجية شاملة لتلبية الاحتياجات البيولوجية والنفسية والاجتماعية للمريض، إلى جانب مراعاة أبعاد السلامة الخاصة برعاية مرضى الأورام والتي تشمل توفير: الخبرات المتخصصة، التكنولوجيا المتقدمة، الأدلة الاكلينيكية القائمة على الدليل والبرهان، التنسيق والتواصل الفعال بين أعضاء الفريق المعالج، منع ومكافحة العدوى، دعم ومساندة المريض، إدارة الدواء وذلك لتحقيق اعلى درجات الجودة والسلامة للخدمات المقدمة لمرضى الأورام.
جاء ذلك خلال مشاركته بفعاليات الجلسة الحوارية المغلقة للمؤتمر الدولي الخامس عشر لأورام الثدي وأورام النساء والعلاج المناعي للأورام، والذي تنظمه الجمعية العلمية لأورام الثدي والنساء BGICC وجامعة عين شمس، تحت رعاية وزارتي الصحة والتعليم العالي، وبالتعاون مع الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية، والهيئة العامة للرعاية الصحية، واشراف أستاذ الدكتور هشام الغزالي، مدير مركز أبحاث جامعة عين شمس وسكرتير عام المؤتمر.
وأوضح رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية أن هناك عدة اعتبارات الواجب توافرها في مراكز علاج الأورام أكدت عليها المعايير الوطنية الصادرة عن GAHAR سواء فيما يخص علاج مرضى الأورام والمخاطر واسعة المجال التي يتعرضون لها، أو خصوصية الخدمات المعقدة المقدمة لهم أو خصوصية مرضى الأورام من حيث تعرضهم للعدوى بشكل أكبر حسب مرحلة العلاج أو نطاق انتشار الورم وهو ما يتطلب رفع درجة مستويات مكافحة العدوى داخل المنشأة الصحية إلى أعلى معدل مشيرا إلى أن من أهم العناصر الواجب توافرها لمراكز الأورام هو الخبراء المتخصصين ولا يشمل ذلك أطباء الأورام والجراحين فحسب ، بل يشمل أيضًا الممرضات والمعالجين بالإشعاع وغيرهم من المتخصصين في الرعاية الصحية الذين يعملون جنبًا إلى جنب معهم، فضلا عن فريق المهنيين المدربين تدريباً عالياً وذوي الخبرة حيث يتطلب العلاج الكيميائي والاشعاعي تدريب جيد ومستمر لضمان جودة الرعاية الصحية وهو ما تضمنه المعايير الوطنية التي أصدرتها الهيئة لإدارة قوة العمل GAHAR’s Workforce Management Standards.
وأضاف أن تعقيد والتطور المستمر والمتسارع للتكنولوجيا المستخدمة في تشخيص وعلاج الأورام مثل: أجهزة العلاج الإشعاعي، والأدوات الجراحية المتطورة، وآلات التصوير عالية التقنية مثل: الرنين المغناطيسي، والجاما نايف وغير ذلك من التكنولوجيا المتقدمة التي يجب أن تتوافر بمراكز الأورام للوصول معالجة أكثر دقة وفعالية للسرطان، انما يتطلب الالتزام الكامل من جانب المنشأة الطبية بمتطلبات السلامة والأمان.. على سبيل المثال لا الحصر: الصيانة الدورية وأسس المعايرة للأجهزة المستخدمة، إلى جانب اتباع متطلبات السلامة الإشعاعية الصارمة لضمان الاستخدام الآمن والفعال للإشعاع في مراكز الأورام، والعمل على الحد من المخاطر البيئية التي قد تتسبب فيها الإشعاعات والمواد الكيميائية وغير ذلك من مسببات التلوث البيئي من خلال مراعاة كل هذه الاعتبارات الفنية والصحية في تصميم المنشأة الصحية لضمان أمان وسلامة المريض ومقدم الخدمة على حد سواء.
ولفت الدكتور إسماعيل إلى تأكيد معاييرGAHAR على أهمية توافر سياسة معتمدة بالمنشأة لأدلة استرشادية اكلينيكية قائمة على الدليل موثوقًا بها لضمان تلقي العلاج الأنسب والأكثر فعالية وفقا لحالة كل مريض، وأيضا بروتوكولات لمنع ومكافحة انتشار العدوى، مثل نظافة اليدين، والتعقيم والتطهير، واحتياطات العزل، فضلا عن برامج الدعم العاطفي والنفسي والتثقيفي للمرضى وأسرهم، مضيفا أن المعايير تضمن أيضا أن يكون لدى المنشأة أنظمة لضمان الإدارة الآمنة والدقيقة للأدوية. مثل: الاختيار الصحيح للأدوية، التخزين المناسب لها، الوصف الصحيح، التحضير، الصرف، والإعطاء، والمتابعة.
وحول الوقاية من السرطان والاكتشاف المبكر للأورام، لفت د. أشرف إسماعيل إلى الدور الكبير الذي يجب ان تقوم به مراكز ووحدات الرعاية الأولية في هذا الإطار وهو ما تحرص عليه منظومة التأمين الصحي الشامل والقيادة السياسية من خلال توجيه المزيد من الجهود إلى برامج الفحص والتوعية للسكان مشيرا إلى أهمية البرامج التدريبية اللازمة لأطباء الأسرة في هذا المستوى من الرعاية ، من قبل أطباء الأورام ، فضلا عن توعية المجتمع حول البيئة الصحية وتجنب المواد المسرطنة في الغذاء والسلوك ، مما يقلل من عبء علاج السرطان على المستوى الوطني.
وتابع: انه حالياً يمكن تجنب ما بين 30% -50% من حالات السرطان عن طريق تلافي عوامل خطر الإصابة بالمرض وتنفيذ الاستراتيجيات القائمة المسندة بالبراهين للوقاية منه، إلى جانب الحد من عبء السرطان من خلال كشف المرض مبكّراً وتزويد المرضى المصابين به بقدر كاف من العلاج والرعاية، علماً بأن فرص الشفاء من أنواع كثيرة من السرطان تزيد إذا شُخّصت مبكّراً وعُولِجت كما ينبغي.
وفي سياق متصل، أكدت الدكتورة نعيمة القصير، ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر، أن المنظمة تعمل مع الدول الأعضاء على تعزيز السياسات والبرامج الوطنية لزيادة الوعي وتقليل التعرض لعوامل خطر الإصابة بالسرطان، وانه بالرغم من ان العقود الأخيرة قد شهدت ابتكارات سريعة في تشخيص السرطان وعلاجه ولكن حتى الآن تم توزيع واستيعاب هذه الخدمات والأدوية والتقنيات بشكل غير منصف وغير فعال اذ لا ينبغي أن يكون التشخيص بالسرطان حكم بالإعدام لعدم القدرة على الحصول على الرعاية الصحية أو دفع ثمنها، إذا تمكن الناس من الوصول إلى الرعاية الأولية وأنظمة الإحالة، فيمكن اكتشاف السرطان مبكرًا، ومعالجته بشكل فعال بناءا على استثمارات دقيقة قائمة على الأدلة في التدخلات الخاصة بالسرطان والذي سيحقق عوائد اجتماعية واقتصادية مجدية، مع زيادة الإنتاجية و العدالة مؤكدة انه يمكننا مكافحة السرطان، وتجنب 7 ملايين من الوفيات بحلول عام 2030 عالميا إذا قامت الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل بزيادة استثماراتها في منع وعلاج الأمراض غير السارية بما فيها السرطان بأقل من دولار واحد للشخص سنويا.
وأشارت ممثلة منظمة الصحة العالمية في مصر، إلى أن التغطية الصحية الشاملة تعني أن يحصل الناس كافة على الخدمات الصحية التي يحتاجون إليها، متى وأينما كانت حاجتهم إليها، دون التعرض لضائقة مالية من جراء ذلك حيث تشمل المجموعة الكاملة من الخدمات الصحية الضرورية، ابتداء من تعزيز الصحة وانتهاء بالوقاية والعلاج والتأهيل والرعاية الملطفة.
وثمّنت الدكتورة نعيمة القصير من وجود عمل مؤسسي لإدارة ملف التغطية الصحية الشاملة في مصر، حيث أن المفهوم أصبح لا يرتكز على المرض فقط، بل ارتكز على الرعاية الصحية الآمنة وذلك من منظور أوسع يشمل تعزيز الصحة العامة، والوقاية من المرض، وهو ما يعزز حق كل إنسان في الحصول على الصحة وهو ما يكفله الدستور المصري، حيث أحرزت مصر تقدما واضحا نحو التغطية الصحية الشاملة في ظل اهتمام الرئيس عبد الفتاح السيسي بصحة المرأة المصرية، والتي تعد واحدة من أهم المبادرات الرئاسية للصحة العامة تحت مظلة المبادرة الكبرى 100 مليون صحة، وعملت على الكشف المبكر بجميع وحدات الرعاية الأولية مع رفع الوعى لدى السيدات بالإضافة إلى وضع نظام احالة قوى وسريع لتأكيد التشخيص والعلاج بدون الوضع في قوائم انتظار.
وأضافت أن تلك المبادرة تتماشى مع المحاور الأساسية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية لتحسين سياسات وتدخلات التشخيص المبكر الذي يؤدي إلى تجنب المضاعفات و تحسين النتائج العلاجية، ألا و هي: رفع الوعي العام بمختلف أعراض السرطان المبكرة وأهمية الاكتشاف المبكر وتشجيع الناس على السعي لطلب الرعاية الصحية عند بداية ظهور احدى تلك الأعراض، الى جانب الاستثمار في مجال تعزيز الخدمات الصحية وذلك من خلال رفع كفاءة البنية التحتية وتزويدها بالإمكانيات اللازمة بما في ذلك الرقمنة التي أصبحت من أولويات الحكومة المصرية بالإضافة الى الاهتمام بكادر العاملين الصحيين من حيث التدريب المستمر والتعزيز بنظام احالة قوى حتى يتسنى لهم إجراء تشخيص دقيق وفي حينه أو الاحالة لعمل فحوصات لتأكيد التشخيص.
وتابعت ان المحاور تشمل كذلك ضمان تمكين الناس المتعايشين مع السرطان من الحصول على علاج آمن وفعال وسريع ، بما في ذلك الرعاية التلطيفية لتخفيف آلامهم، وبدون تكبد مشقة شخصية أو تكاليف مالية باهظة مؤكدة ان منظمة الصحة العالمية في مصر تدعم المكونات الخمس للنظام الصحي في مصر و التي من شأنها الاسراع نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة و هي وضع السياسات الصحية، واستراتيجيات الصحة، رفع كفاءة مقدمي الخدمة الصحية، وتطبيق الحوكمة السريرية، وتفعيل نظم الميكنة والرقمنة في المنشآت الصحية.
ومن جانبه، أعرب الاستاذ الدكتور هشام الغزالى عن فخره بإقامة المؤتمر الدولي لأورام الثدي و أورام النساء للسنة الخامسة عشر على التوالى في مصر بالتعاون مع 12 جمعية عالمية وحضور ما يزيد عن 120 خبير أجنبي من مختلف التخصصات و أكثر من 3000 طبيب من مختلف دول العالم مما يساهم في تحقيق أهداف هذا المؤتمر من دعم وبناء القدرات التعليمية والبحثية بمجال علاج الأورام واصدار أدلة استرشادية عالمية جديدة من مصر بالتعاون مع الخبرات المصرية والدولية، وتوحيد الجهود المبذولة للكشف المبكر عن الأورام ورفع نسب الشفاء، مضيفا انه سيتم انشاء تحالف أفريقي بين الجمعيات والهيئات الافريقية العاملة في مجال الأورام، ممثلا لحوالي ١٥ دولة افريقية في مجال تشخيص وعلاج الأورام والمعلوماتية البيولوجية